أعلن برنامج جدة التاريخية اليوم الأحد عن اكتشاف مذهل لما يقارب 25 ألف قطعة من البقايا الأثرية في عدة مواقع تاريخية بالمدينة. تعود أقدم هذه القطع إلى عهد الخلفاء الراشدين في القرنين الأول والثاني الهجري، مما يمنح هذا الاكتشاف أهمية خاصة في توثيق تطور المدينة عبر العصور.
البرنامج أوضح أن المواقع التي تم العثور فيها على هذه المواد الأثرية تشمل مسجد عثمان بن عفان، والشونة الأثرية، وأجزاء من الخندق الشرقي، والسور الشمالي، ضمن مشروع الآثار الذي يديره برنامج “جدة التاريخية” بالتعاون مع هيئة التراث السعودية.
أظهرت أعمال المسح والتنقيب الأثري، التي بدأت في نوفمبر 2020، نتائج مبهرة، حيث تم اكتشاف 11 ألفًا و405 قطع من الخزف، و11 ألفًا و360 قطعة من عظام الحيوانات، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المواد الصدفية والزجاجية والمعدنية. إجمالاً، بلغ وزن هذه المواد الأثرية المكتشفة 531 كيلوغرام، مما يمثل قيمة كبيرة للتراث الوطني.
المفاجأة الكبيرة جاءت من مسجد عثمان بن عفان، حيث اكتشفت المواد الأثرية التي يُرجح أن تعود إلى القرون الأولى للهجرة، مما يشمل العصور الإسلامية المبكرة، الأموية، العباسية، والمملوكية، وصولاً إلى العصر الحديث في مطلع القرن الخامس عشر الهجري.
تحديد تواريخ هذه المواد الأثرية تم بفضل الدراسات الأثرية لقطع خشب الأبنوس التي عُثر عليها في المسجد، حيث تم تحديد موطنها إلى جزيرة سيلان على المحيط الهندي، مما يسلط الضوء على الروابط التجارية الواسعة لمدينة جدة التاريخية.
في الموقع الأثري للشونة، كشفت التسلسلات التاريخية عن بقايا معمارية تعود إلى القرن الثالث عشر الهجري على الأقل، مع وجود دلائل تعود إلى القرن العاشر الهجري. وفي هذا السياق، عُثر أيضًا على قطع من الزجاج والبورسلين من مصادر دولية متنوعة مثل أوروبا واليابان والصين، والتي يُرجح أن تكون تاريخها في القرون الثالث عشر والرابع عشر الهجري.
تضمنت الدراسات الأثرية للمواقع التاريخية الأربعة تحليلات متقدمة لعينات الكربون المشع، وتحليلات التربة والدراسات الجيوفيزيائية، بالإضافة إلى نقل أكثر من 250 عينة خشبية من 52 مبنى أثري إلى مختبرات عالمية لتحديد عمرها الزمني. وتمت متابعة الأبحاث بشكل دقيق من خلال دراسة أكثر من 984 وثيقة تاريخية عن جدة التاريخية، بما في ذلك الخرائط والرسومات التاريخية.
يُعتبر هذا الاكتشاف الضخم استمرارًا لمشروع الآثار في منطقة جدة التاريخية الذي بدأ في شهر جمادى الأولى 1441 هـ، حيث يسعى المشروع إلى إعادة إحياء وتحفيز التفاعل مع التاريخ الغني للمنطقة. يأتي هذا الإعلان في إطار رؤية المملكة 2030 للحفاظ على التراث الوطني وتعزيز دور جدة التاريخية كمركز حضاري.